الجمعة، 28 سبتمبر 2012

معاناة من الواقع المرير


في صباح كل يوم أستيقظ من نوم عميق لكنه غير مريح ..اغسل وجهي بماء .واحلق لحيتي وانا متثاقل لأنني سأذهب للدوام الرسمي المفروض ..لم اكن معترضا على كل هذا بل هذه معيشتي التي تسد فاقتي وحاجتي الى الناس ولكن عندما افطر صباحا واستقل اي سيارة للذهاب الى الدوام أرى منظرا في طريقي يكاد يتفطر الصخر الأصم من سماع ذكره ..عدة شباب يجلسون على رصيف في منطقتنا ..ينتظرون من يقودهم لمنزله او مقر عمله لكي يعمل عنده كعامل بناء او اي عمل ما ..لم يكن هذا غريبا من قبل ولم أكن قد استغربت فهذا ما تعود عليه أغلب العراقيين منذ ايام الحصار الاقتصادي وحتى يومنا الحاضر ..ولكن الحالة المأساوية للشباب تختلف عن اي شريحة اخرى من شرائح المجتمع بصورة عامة.. فالشاب هو طاقة عمل وبناء وعطاء وليس عرضة لإستجداء عمل ما في مكان لا يمكث به الى القطط الهاربة التي لا يحويها مكان ...ان المنظر القاسي الذي رأيته بعيني هو كيف يتعاركون ويتناحرون هؤلاء الشباب على الصعود في السيارة التي تقلهم لعمل ما  .لأن الصعود في سيارة الرجل الذي يريد عمالا من الشباب  يعملون لديه مهمة تكاد تكون بالمستحيلة الا لمن له حظ عظيم ..لأن الصعود في هذه المركبة يعني خبزا لعائلة ويعني سترا لحال عائلة وملابس جديدة او مستخدمة لعائلة أو جهازا جديدا لعائلة .هذا هو المعنى المختصر لمعنى ركوب عامل شاب في سيارة رجل يريد عامل يعمل في بيته ..إن رؤيتي لهؤلاء الشباب وهو يتعاركون على الصعود جعلني أندم كثيرا لتجاهلي نعمة ربي التي انعم بها علي من انني رجل امتلك تعيين ووظيفة وراتب شهري ..بينما هؤلاء المساكين يتضورون جوعا وعطشا وهما وحزننا .يسكنون الطرقات والارصفة بحثا عن لقمة عيش لاطفالهم ونسائهم اللاتي بعضهن لم يعرف الشبع كيف يكون ....نعم هذه قطرة من بحر معاناة الشباب في عراق البترول والزئبق والفسفور والخ من الخيرات والنعيم ..نعم هذا هو الشاب العراقي يستجدي العمل ويتوسل بصاحب العمل أن يأخذ معه ليغطي جزء من نفقاته المتراكمة ...في بلد ينعم بخيراته اهل السلطة والمكانة يتضور جوعا كل طفل لا يمتلك والده عمل ما .الى متى ....الى متى ...وأي عذر لنا ..الى متى يبقى اصحاب السلطة العليا واهل المكانة المرموقة يعبثون في بلاد العزة والغنى والثروة دون النظر الى من تحتهم من اطفال ونساء وشباب وشيوخ ممن لا قدرة لهم على قضاء يوم ممتع كما باقي الناس ....هل من العدل أن يتعارك ويتخاصم ويتشاجر شاب عراقي مع اخيه الشاب من أجل عمل يوفر له قوت يوم واحد ..بينما يتعارك ويتخاصم ويتشاجر المسؤول مع المسؤول الاخر على صفقات مليارية ومليونية لبناء منزل فخم في بلاد فخم على شاطئ فخم ...اين عدالة الارض من هذا كله... هل هذا جزاء الشاب العراقي الذي قضى في خدمة هذا الوطن تحت سلطة اذاقته المر والنكد والحسرة لا لشئ فقط لأنه عراقي اصيل ...هل هذا هو جزاء الشاب العراقي الذي يرد أن يخدم وطنه وينعم بخيراته ..هل جزائه أن يتعارك على رصيف يوفر له قوت سويعات لا تتعدى فترة الغداء مع عائلته .....اااااااااااه لا أدري في أي زمن نحن وفي أي بلد نعيش ..في اللحظة التي يتعاقد بها حضرة النائب الفلاني مع الشركة الفلانية لشراء فلة على شاطئ جميل ...يتضور رجلا كبيرا جوعا وألما ..ويتعذب لأن الصفقة التي يجريها النائب ما تمت بعد فموت الرجل مقرون بأنتهاء صفقة النائب وما إن يتم الانتهاء من التعاقد على شراء الفلة حتى يموت الرجل .ويرتاح وفي قلبه يدعو ربي تمم لنائبنا الفلاني صفقته حتى اموت بسرعة من دون عناء..اااه نعم هذا هو الحال ان اموال الشعب وحقوقه منهوبه من سراق رسميين يعملون في مكان مرموق يسمى الحكومة ...والحكومة معناها الحكو كومة _يعني الحقو فإن هناك كومة من النقود من دون راعي تعود لشئ اسمه شعب لا وجود له ولا اي قيمة تذكر فأنهبو يامن تسلمت زمام سلطت هذا الشعب فأنتم احق من غيركم لأنكم تتعبون في تحميل الاموال الورقية الثقيلة ....هذا معنى حكومة كما افهمه .....الف علامة تعجب وضعت عندما سمعت بأن نائبا ما في البرلمان العراقي يشتري فلة في الامارات بمبلغ 7 ملايين دولار امريكي ....يا ترى متى يشتري جويسم الفقير صريفة في قطعة زراعية بالقرب من دكان سعدية ام الزوري بخمسة الاف دينار فقط .....اااااه ثم الف اااااه من  الفقر القاتل ..نعم قاتل فكم قتل من الشباب وايتم من الاطفال ورمل من النساء .......الفقر كما يصف معناه علي بن ابي طالب عليه السلام ..بقوله لو كان الفقر رجلا لقتلته .ابعد هذه الحقيقة يرتاح الشاب العراقي ويهنأ كما غيره من الشباب في العالم .......الله أعلم وهو في خلقه أحكم 

هناك تعليق واحد:

  1. أكتب تعليقك بسهولة دون شروط او كلمات تحقيق فقط اكتب وارسل التعليق وينشر بنفس الوقت شكرا لكم

    ردحذف

أكتب تعليقك وشاركني رأيك