الأحد، 14 أكتوبر 2012

حب على وسادة الرمل

فقر جمعنا يوما بحب 


في يوم من الأيام حيث كنت أمشي في الشوارع والأزقة طلبا للرزق ولقمة العيش وكأن الأقدار قد شائت أن التقي بك من غير ميعاد _حيث كنت تفترشين الرصيف فراشا والسماء الصافية في ذاك الوقت لحافا ولعبة طفولتك الى جانبك ولم الاحظ على وجهك مسحة من الحزن بل على العكس كنت ارى فيه السعادة_ فدنوت من مكانك البسيط وجلست على الرصيف لم أعرف مالذي جرني اليك ولماذا قصدت اليك لم تكونين كما باقي النساء لا جمال ولا كمال ولا غنى او مال الى الان لم أعرف يا أميرتي ما الذي جرني اليك وسحبني بقوة وكأنني مجرم  قادوه للتحقيق في اغتيال رئيس الحكومة .فزعت وتبعثرت وتهت في التفكير ترى ما بهذه الفتاة من شيئ ليغويني ملابسك رثة قديمة أكل الدهر عليها وشرب لم يكن عندك سوى كوز ماء بالقرب منك ولم تكوني تحملي نقود سوى بضع دنانير أعددتها لشراء خبز للغداء .نعم احببتك وعرفت ان الحب لا يرحم وعرفت ان العشق لا يأبه بالقلوب  وأخيرا عرفت السر في انجذابي اليك وفهمت اللغز وحللت المسألة فخرج الناتج أنتِ ببساطتك وتواضع عيشكِ وفقركِ وطعامكِ البسيط ونومكِ الهادئ في الطريقِ عشقت عيشتكِ البسيطة وعشقت ذلك اليوم الذي فيه التقيت بك وعشقت الرصيف وعشقت الرمل الذي كنتي تتخذيه وسادة _اقتربت منك ودخلت في عالمك الرهيب وعشت في ايامك وعشت في ساعاتك وعشت افراحك وأحزانك وعشت ليليك وأيامك فلم ارى في كل شيئ عشته كآبة بل قد رأيت سعادة لا قبلها لا بعدها سعادة _أتذكرين حبيبتي الخبز الذي سرقناه من صاحب العربة المسكين أتذكرين حينما طاردنا ونحن نضحك ثم عدنا للرصيف نتقاسم الرغيف ونشرب الماء اتذكرين الخبز الذي كان منقوش عليه اسمك الجميل .اتذكرين   . كم ضحكنا كم بكينا كم لعنا الفقر أتذكرين فراشنا الرملي اتذكرين الوسادة الرملية اتذكرين أمنيتي التي قلت لك لو تتحق لكنت سعيدا جدا أتذكرين حين سألتني ما امنيتك فقلت لك هي لحمة مع خبزنا هذا وكوبا من عصير  أتذكرين حبيبتي الشجر أتذكرين حبيبتي المطر أتذكرين القطط البيضاء اتذكرين الطير في السماء أتذكرين الوردة الحمراء التي سرقتها من مشتل الأمراء أتذكرين عيشنا البسيط اتذكرين ذلنا وقسوة الزمن اتذكرين العيش في المحن أتذكرين كم طردنا من رصيف كان كان يؤوينا اتذكرين البرد والحر الذي عشنا ؟ أتذكرين حرارة الصيف والعطش الشديد أتذكرين بائع التمر ووبائعة اللبن اتذكرين عامل البلدية المسكين   حين اراد ان يزيلنا مع الأوساخ فصرخنا بوجهه فارتد خائفا وحزين وضحكنا وبكينا ولعنا الزمن المخيف ونحن يا أميرتي في عهدة الرصيف لو لم يكن حبيبتي رصيف لعشنا تحت أكوام المزابل في الليل المخيف اتذكرين عراكنا على الرغيف اتذكرين الجوع والآهات والأمراض والبدن النحيف اتذكرين العيش في الشتاء اتذكرين الدفئ والحنان اتذكرين كم تشابكنا من البرد أتذكرين غطائنا ما كان أتذكرين كم بحثنا عن الحطب كي نشعل النيران أتذكرين النار في صدري من الفقر المهين اتذكرين حين ضمتك ذراعي وشعرتي أنني قد مت من زفر الحنين


اه حبيبتي كم ذا اذكرك وقد عشنا معا كل تفاصيل حياة الفقر وكل تفاصيل حياة الذل اتذكرين الرجل الذي صفعك على خدك الأبيض النظيف وعدتي الي ودموعك الأبية تأبى ان تسقط من جفنك الرهيف أتذكرين ما فعلت أتذكرين بطولتي وعنك كيف قد دفعت أتذكرين شهامتي التي فعلت حيث ضممتك بين أذرعي وشعرتِ بالأمان ولم تذرفي دموع الحزن _أبعد كل هذه الشجاعة شجاعة أم بعد كل هذا العنفوان شهامة .حبيبتي لا انسى فقرنا ابدا وعيشتنا المصحوبة بالألم ولازال برد الشتاء باضلعي رغم المدافئ الحديثة ورغم عزنا وغنانا في هذا المكان رغم طعامنا المتنوع رغم أسرتنا المريحة



 لم أنس وسادة الرمل التي كنا عليها ننام سعيدين لم أنس حر الصيف وشرب الماء الحار رغم ما نعيش الان من رفاهية العيش هي حصيلة جهادنا وصبرنا  حيث للناس ما مددنا يدنا حيث للفقر ما استسلمنا حيث للزمن العصيب كم قارعنا  حيث للآهات كم عزفنا حيث للحزن كم صفقنا وللفرح الغريب كم هجرنا .اتعرفين حبيبتي لمن اشتياقي ولهفتي وحرقتي الان في هكذا جوٌ لطيف  وقطرات المطر التي تهبط على شباكنا الزجاجي وهي تعزف انشودة الشتاء _الى ذاك الرصيف نعم الى ذاك الرصيف الى ضعفنا  وجوعنا وفقرنا اشتقت الى حفلاتنا اشتقت الى ضحكاتنا وفرحنا وحزننا وبكانا اشتقت للخبز الذي نتقاسم الأحزان إن قسمناه في افواهنا _اشتقت لشجارنا ورضانا _اشتقت لك لجمالك لدفئك لحنانك اشتقت لتلك الضمة التي تشعرني بدفئ صدرك أشتقت لفقرك لحالك لبكائك لزعلك لرضاك اشتقت لكفكِ الحانية اشتقت لعينكِ الباكية اشتقت لروحك اشتقت لكل شيئ فيك  اشتقت للتراب والرمل والمطر اشتقت للفقر اشتقت للحجر اشتقت للسفر اشتقت للضجر اشتقت للسهر اشتقت لك حبيبتي في ضلمة البحر اشتقت لجمالك كما اشتاق القمروالبلبل الحزين من فوق الشجر في كل شيئ فيك يجمعني قدر _حبيبتي رفيقتي وزوجتي وصديقتي وطفلتي واميرتي صاحبتي رفيقة العمر _اليك اهدي قبلة مع باقة ملفوفة بكفني من افضل الزهر ان مت لا تنسين يا حبيبتي في ذات يوم سنلتقي كما التقينا أول العمر على رصيف كان يجمعنا فحتما بك سيجمعني القبر
حبيبتي ان فارقتك في دنياي ففي قبري ألقاك

هناك تعليقان (2):

  1. عظيــــــــــــــــ♔♚♔♚♔♚ــــــم
    يا حساااااااااام ......اقسم برب الكون روعه سرحت بيها وتخيلت كلشي قلته كأنه امامي احييك احييك احييك ...واعتبرني صفقت بحراره الك 

    ♚♔شهرزاد♔♚

    ردحذف
  2. شكـــــــــــــــــــــــــرا من اعماقي يا شهرزاد وانا ايضا اقسم برب الكون العظيم ان كلماتك تلهمني المزيد شكرا لذوقك الرائع يا اطيب اخت

    ردحذف

أكتب تعليقك وشاركني رأيك