الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

رحلة البحث عن فرج السجين

للأمانة الأدبية هذه الفكرة مستوحاة من قصيدة للشاعر الكبير المجاهد _أحمد مطر_بعنوان خرج ولم يعد لكنني صغته بنص أدبي مختلف



كان فرج قد خرج ولم يعد وتاخر عنا كثيرا فذهبت أبحث عن فرج بدأت بمنطقتنا أسألهم فردا فردا هل رأيتم فرج أجابوني لم نرى فرجا أبدا فتركتهم وذهبت لمدرستنا القريبة من بيتنا وسألت الإدارةوالمدرسين والموظفين وعمال التنظيف هل مر بكم فرج فاجابوني جميعا ما مر بنا فرج_ فخرجت من مدرستي وأنا أفكر أين سأجد فرج فانا جدا محتاج اليه هذه الأيام فصممت على الذهاب الى دائرة الرعاية الأجتماعية وكانت بمنطقتنا وشاهدت إمرأة عجوز تنتظر أن تستلم مرتب شهري زهيد قد لا يكاد يسد حاجاتها الشخصية وسألتها هل جاءك فرج قالت وقلبها مكسور لا يا بني من الصباح جالسة وما أتاني فرج_واسيتها وقمت أبحث عن فرج لكنني للآن لم ألقى فرج .قررت أن أذهب لدائرة أمن قريبة منا لأنني تعودت أن أرى مئات المعتقلين يدخلون لعلي أجد فرجا معتقلا في المركز فدخلت وسلمت فلم يرد أحد علي السلام ولكن سرعان ما أجابني شخص بغضب مالذي جاء بك الى هنا قلت له أبحث عن فرج هل هو معتقل عندكم فقال أدخل ونادي هل هنا فرج فدخلت كما قال صاحبنا وصحت بأعلى صوتي يا معتقلين هل مر بكم فرج هل تعرفون شيئا عن فرج قالوا جميعا بصوت واحد وما يعني فرج


_فأدركت بأنهم لم يعرفوا فرج_خرجت من مركز الامن وأنا أخشى أن يعتقلوني بتهمة البحث عن فرج .وأنا أمشي متلفتا يمينا يسارا خوفا من الأعتقال عثرت بحجر كان قد وضع بباب المركز لمنع دخول السيارات الغريبة حفاظا على الأمن _فقمت وإذا أرى ضابطا كبيرا برتبة لواء فخفت خوفا شديدا فقال ماذا تفعل هنا فقلت يا سيدي أبحث عن مفقود غاب عني منذ فترة من الزمن قال من هو قلت له فرج فقال لي لا نعرف هذا الأسم ابدا في مراكز الأمن منذ أن ترفعت برتبة لواء قم وابحث عنه في مكان آخر والا اعتقلناك فقلت له أمرك يا سيدي سأرحل فرحلت وفي قلبي أردد أين أنت يافرج لكنني للآن لم القى فرج ..بكيت على حظي المشؤوم ولم أجد أحدا يبحث معي عن فرج قررت ان أذهب لدائرة الكهرباء لعل فرجا ذهب لتسديد قائمة اجور الكهرباء فسألت مسؤول الأستعلمات هل جاء فرج الى هنا فقال لي منذ ان تأسست هذه الدائرة مادخلنا فرج _خرجت من دائرة الكهرباء وانا يائس من البحث ولاحت لي قطعة صغيرة تشير لوجود دائرة الماء والمجاري .فدخلت وسألت يا موظف يا محترم هل عندكم فرج فقال لعله خرج مع سيارة تفريغ المياه الآسنة فخرجت مسرعا لعلي أجد فرجا في ذلك المكان فوصلت ولقيت شيخا كبيرا طاعنا في السن وهو داخل حفرة للمياه الثقيلة  فسألته يا شيخ هل لاح لك في هذا المكان فرج فقال يا بني لا تتعب نفسك في السؤال عن فرج فلو كان هنا ساعة لما وجدتني في هذا المكان فيأست وحزنت وبكيت وقد ضاع نصف نهاري وانا  أبحث عن فرج فهمت على وجهي في الشوارع والأزقة اسأل عن فرج بيتا بيتا ودكانا دكانا وشخصا شخصا هل جاء لكم فرج كان الجواب دائما لا لم نرى فرج فذهبت لوزارة العدل ووزارة الإسكان والتعمير ووزارة النفط والخ ...... وصحت بأعلى صوتي هل ها هنا فرج رد الصدى صوتي وهو مبحوح حزين جدا للأسف الشديد ما رأينا فرج.. فخرجت باكيا أسأل وزارة الداخلية ومنتسبيها المنتشرين بالشوارع تحت أشعة الشمس الحارقة هل صادفكم فرج فقال لي منتسب كبير السن قد أهلكته حرارة الشمس وقد نام على الرصيف ببذلته العسكرية الممزقة من شدة التعب يابني عمن تسأل فقلت عن فرج فقال لوكان في ذات يوم هنا فرج لرأيتني الآن في ديواني العربي منذ زمن لكن لم يأتنا فرج_وصلت لمكتب رئاسة الوزراء وقلت حتما سأجد فرج هنا لأنني أعرف أنه صديق الحكومة جدا ويلازمهم دائما في كل أحوالهم _فدخلت في مبنى رئاسة الوزراء وحالي لا يسر الصديق فخرج لي رجلا عملاقا يبدو إنه حماية رئيس الوزراء فسألته وأنا متلكأ ومرتبك جئت أسأل عن صديقكم فرج هل هو موجود هنا




 _فدخل وقال انتظر سأحظره لك فطرت في السماء من الفرح وأخيرا سأرى فرج الذي غاب عني منذ زمن بعيد ولكن سرعان ماعاد الرجل ومعه فرج لكنه كبير السن وذو شأن عظيم فقال لي هل تبحث عني انا فقلت وانا في شدة الأرتباك كلا لست انت فرجي الذي أسأل عنه قال اذهب وأبحث عن فرجك فانا فرج حكومي مرخص من الحكومة بالعمل هنا فقط ولا أستطيع أن أذهب معك مطلقا ولا مع أي شخص من أبناء هذا  البلد .فخرجت وقد أعياني السفر والبحث فنمت على رصيف من الأرصفة وأخذتني الغفوة فرأيت في المنام فرج فقال ما الذي جاء بك الى هنا ولماذا أنت متعب فقلت أين كنت يافرج بحثت عنك في كل مكان ما رأيتك فقال كلا رأيتني ولكنك لم تنتبه لي أتذكر عندما خرجت لك من مبنى رئاسة الوزراء فقلت نعم لكن لم تكن ملامحك أنت قال نعم لأنني ترفعت منذ زمن وصرت أعمل هنا في الحكومة فقلت ما عملك قال عملي أن أحل كل المشاكل الشخصية للرؤساء المتعاقبين على هذا الكرسي وأهيئ لهم الطريق للسفر اذا انتهت فترات رئاستهم لأن الأموال التي سيذهبون بها لبلد آخر ثقيلة تحتاج الى فرج عملاق مثلي كي يسهل نقلها لهم خارجا وكذلك أساعدهم بحل كل أزمة خانقة من الشعب بدقائق لأن فرجا عملاقا مثلي لا تصعب عليه أزمات كهذه وكذلك أعمل على تهيئة الأجواء لرئاسة الوزراء ليتخذوا قرارات سريعة إذا ما وقعوا بشدة فانا فرج قريب منهم أحل أزماتهم على حساب شعبهم وأسحقه لأجل أن تبقى حكومتهم فوق رؤسهم بقوة وسطوة وإذا ما فكروا هؤلاء الذين يسمونهم شعب بالتظاهر أخرج لهم وأزرقهم بحقنة مخدرة حتى ينامون بعمق وترتاح السلطة منهم قليلا الى ان اقضي عليهم وأريح حكومتي منهم الى الأبد ....فانتبهت مذعورا من نومي أهكذا تغيير فرج عن اهله وناسه أهكذا فرج الذي كان عبدا مطيعا لله وكنا نسميه فرج الله أصبح فرج الحكومة _يا ويلي مالذي حصل تناسيت الحلم وذهبت أكمل مشواري عن فرج صديقنا المؤمن صاحب التقوى لأنني أعرف أن هذه أضغاث أحلام وليست حقيقة فرأيت رجلا يتسول في الطرقات وهو يقول لله يا محسنين من يعطيني الف دينار سيعطيه الله فرج فسررت كثيرا وسعدت وذهبت مسرعا للفقير المسكين وقلت له خذ الفي دينار ودلني عن فرج فقال يا بني وعن أي فرج تبحث قلت هذا الي تتكلم عنه أمام الناس قال يا بني إنني أستعطف الناس بهذه الكلمات ليعطفوا علي بقليل من النقود ولو كان فرجا عندي لما تسولت فليس هاهنا فرج ولكنني ادلك على مكان إذا ذهبت اليه فصاحبه يعرف فرج فقلت له دلني عليه فقال تذهب من هذا الطريق وتسلكه لآخره ستجد بيتا مكتوب عليه هذا بيت الله فزره وإسأل صاحبه عن مقصودك وحتما سيجيبك _ففرحت كثيرا وذهبت كما قال ووجدت البيت ودخلت من دون أن أستأذن من أحد ولم أخشى أن أعتقل ولم أتلفت يمينا ولا شمالا وما عثرت بحجر ولم يتكلم معي أحد بقسوة وغضب فجلست وأنا أنتظر صاحب البيت ليحين موعد اللقاء به وحان فعلا وقت الظهر وكان موعد لقاء يومي فقمت بتطهير نفسي من تعب السفر ووقفت اخاطبه بكل هدوء وإطمئنان _ياصاحب البيت العظيم ياكريم يارحيم أنت وحدك من يعرف فرج ويرى فرج ويخلق فرج أسألك بكل من له حق عليك أن تعيد لي فرج فقد أهلكني البحث عنه ولم أجده فسمعت شخصا يقرأ في كتاب لصاحب البيت _وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني_فهرعت لهذا الشخص وقلت له لابد أنك فرج فقال لا أنا قارئ فقط_ أقرأ في كتاب صاحب هذا البيت فقلت ماذا يعني _اني قريب اجيب دعوة الداعي_فقال اذهب يابني وأطلب من صاحب البيت حاجتك فقلت طلبت حاجتي قال وما هي قلت  أريد فرج قال للاسف الشديد يابني لم نزل نطلب هذا ولكن لا فرج فسكوتنا عن حقنا وتخاذلنا بيننا ونفاقنا على بعضنا وطعننا لأنفسنا في ظهورنا قد قيد فرج ففرج يا بني هو الآن في سجن صاحب هذا البيت العظيم ولن يفكه ويطلقه الا أن نغيير ما في أنفسنا_فاذهب لأهلك ومنطقتك وبلدك فإن تغيروا نحو الاحسن فستجد فرجا أمامكم في كل مكان والا لا تشمون رائحة فرج أبدا ... فتعالو نطبق كلام الرجل لعلنا نهتدي الى فرج والا سييببقى فرج قابع في السجن ولن نراه أبدا_تعالو لنتكاتف ضد أعداء العدالة وسالبي الحقوق ونرغمهم أن يعدلو بيننا ويعطونا حقنا لكي يطلق فرج وهو حر ويعمل لدينا نحن الفقراء ويترك العمل مع اصحاب المناصب ...






  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أكتب تعليقك وشاركني رأيك